إن الحق و الحقيقة لا يمكن إنكارهما إلا من طرف جاحد، أو متكبر، أو جاهل،لاسيما إذا كانت تظهر للعيان بالمفهوم العام ،و بالمفهوم الحالي مادية.
فالغرب كما عهدناه لا يعترف بما نسميه في مفاهيمنا الأشياء الغيبية، و له الحق في ذلك ما دامت كل أنظمته التي بنى عليها حضارته و تقدمه الذي إنبهرنا فيه تقوم على الملموس فقط وليس المحسوس.
وبما أن ذلك كذلك كان الأحرى أن نرد على هؤلاء بالمادي الذي يقتنعون به .
إن معجزات محمد صلى الله عليه و سلم المادية التي ينبغي أن يعرفها من سبوه ،و إستهزؤا به، لكثيرة كثرة الكلمات التي تلفظوا بها و هم يجهلونها و يتجاهلونها.
وإذا كان و لا بد من الرد، ينبغي أولا على كل مسلم قبل أن يقوم بأي عمل لنصرته صلى الله عليه و سلم أن يسبح في بحر الأخلاق الحسنة وأمواج المعاملة العالية قبل الدخول إلى هذا البحر، الذي لن يأتي بثماره إذا كان عاطفيا أكثر منه عقليا .
قال صلى الله عليه وسلم "الدين المعاملة، الدين النصيحة"
فيا ترى ،هل يمكن لنا أن ندخل عالم النصرة و نحن نأتي بأفعالنا و معاملاتنا اليومية ما لم يأت به أعداء محمد صلى الله علي و سلم ؟؟؟ سؤال تبقى إجابته عند كل من يقول لاإله إلا الله محمد رسول الله.
فكما سبقت الإشارة إليه إذا أردنا أن نذل مناظرة من شتم خير خلق الله،فلا بد أن تكون مناظرة مبنية على المنطق العقلي الذي جاء به محمد صلى الله عليه و سلم.
ولنبدأ بالحياة المادية التي يفهمها الغرب لهذا الذي أنقذ البشرية من عبادة الأسياد إلى عبادة سيد الأسياد.
لقد ولد ولادة عادية وبسيطة كغيره من بني البشر ،فالتاريخ لم يذكر لنا أن محمد ولد مثلا في قصر كذا، أو في دولة كذا التي تمتاز بالتقدم و التكنولوجيا التي أبهرت الغرب و أتباعهم،أو في مستشفى كذا،أو تحت إشراف طبيب من الفرس أو الروم أو اليونان ،أو...،أو ... (لا أريد ذكر المعجزات لأنه سبق و أن أشرت إليه أن من سب صلى الله و سلم لا يعترف بذلك)
عاش يتيما من غير أب و لا أم، كد و جد منذ نعومة أظافره في الإتيان بلقمة عيشه، حتى لا يقول يوما مجنون من المجانين أن محمد صلى الله عليه و سلم كان يعيش عالة على غيره.
لم تكن له قطعان من الإبل و أمواج من الأغنام ،وبازارات في أمصار أخرى يتمتع بها أعداء دينه مثلما هو الحال في وقتنا ،بل كان يعيش ليومه،يأكل من أجر عرق جبينه في عمله.
بعد إن إطلع الله على قلبه فوجده أعظم قلب ،ووزن عقله(ليس بالميزان المادي)،فوجده أرجح عقل في البشرية ،وعلم أنه أكثر الناس حفاظا على الأمانة ، إختاره ليكون نبيا رسولا و أمره أن يقوم بالمهام المسندة إليه في إطار تشريعي سمح ،لا يقبل تدخلات فلان أوكلان،لأن مصدر ذلك ليس الأمم المتحدة ،أو مفروض من طرف أمريكا ،بل أنزله من لا يغفل ولا ينام على من رآه أهلا لذلك.
فإذا كانت الدول تعين أمناء للقيام بمهام ثقيلة في مجتمعاتهم و تشرفهم بذلك ،فما بالكم بمن إختاره خالق الأكوان؟؟؟ أم يسميه قومه يوما و هم صناديد قومهم " بالصادق الأمين" لما عرفوا عنه من حفظ للأمانات وصدق المعاملة و التعامل.
وهل هناك أفضل شهادة مثل تلك التي تكون من العدو.
يقول مايكل هارت في كتابه "الخالدون المئة" ص13،
"وقد جعل على رأس المئة سيدَنا محمدا صلى الله عليه وسلم لاقتناعه بأنه هو أفضل شخصية عرفها التاريخ، ويسترسل قائلا "لقد اخترت محمدا صلى الله عليه وسلم في أول هذه القائمة، ولا بد أن يندهش كثيرون لهذا الاختيار، ومعهم حق في ذلك، ولكن محمدا عليه السلام هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا على المستوى الديني والدنيوي.