الإدارة التربوية
عرفها التربويون بتعريفات عدة: لعل من افضلها: انها توجيه وقيادة الناس، او ضبط مجموعة من الناس لتحقيق هدف مشترك، وذلك ان الادارة التربوية هامة وكبيرة، فيجب ان يكون لها اهدافها وتوجهاتها الخاصة والواضحة في آن والمميزة ايضا، ويقول اصحاب الاختصاص: يفترض في كل عنصر اداري فاعل ابتداء من مدير الادارة التعليمية الى نهاية المنظومة التربوية، ان يعرف الهدف المراد والكبير من العمل الذي يقوم به، ويخلص التربويون من ذلك الى ان الادارة التربوية هي مجموعة الآراء والافكار والاتجاهات والفعاليات الانسانية التي توضح الاهداف وتضع الخطط والبرامج وتنظم الهياكل التنظيمية وتوجد الوظائف الادارية والاجهزة التي تمارس التنفيذ والتدريب والمتابعة والتقويم، ويرى التربويون، ان التخطيط التربوي السليم ذا القاعدة الأصيلة والمتينة هو واجهة الادارة التربوية المدركة، وهو وسيلتها الفاعلة والمؤثرة في عملها بوجه عام، وهو الوسيلة المفيدة لتحديث وتطوير فعالياتها، بحيث تلبي بصورة أفضل وأتم متطلبات العمل التربوي في البناء التربوي المراد، وواجب كل إدارة تربوية مدركة يراد منها فعل ما يجب فعله تربويا ان تأخذ في الاعتبار حاجات الامة وفق السياسة التربوية المعدة من المسؤولين عن التربية والتعليم والذين هم بحمد الله اهل للمسؤولية حيث اعطوا للتعليم حقه وللعلم مكانته وأهميته وللعلماء مكانتهم ومنزلتهم، وهو وضع متميز تربويا والحمد لله تختص به هذه البلاد الطيبة المباركة ذات التأصيل التربوي والتميز المعرفي والتفوق العلمي، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ونحن في المملكة العربية السعودية لنا شخصيتنا المميزة تربويا وتعليميا، ولنا وجه وتوجه اصيل ونبيل ننطلق منه دوما في مختلف اتجاهاتنا التربوية، ويحرص المسؤولون لدينا وفقهم الله دوما على اختيار القادة التربويين ممن لديهم القدرة والندرة والخبرة والدراية، والمقدرة العقلية والفكرية والجسمية والعلمية مع الصفة التربوية المميزة اللازمة لشغل مثل هذه المرافق الهامة، ان دقة الاختيار، ونبل الهدف، وحسن القصد، وسلامة الاتجاه لتؤهل بحول الله الى اختيار قادة تربويين يسدون الحاجة ويقومون بالواجب ويُطمأن اليهم والى جهدهم وعطائهم، وليس هناك اهم ولا احوج من الادارة التربوية الى الكفء من الرجل المعد والمدرب والمؤهل مسبقا تأهيلا دقيقا وكافيا ان مثل هذا التوجه، سيوفر لنا الكثير من الوقت والجهد والمال وسيعطي بحمد الله وحوله نتائج حميدة وسديدة، ونحن هنا عندما نتحدث عن جانب كبير وعظيم من جوانب التربية والتعليم فاننا نبين ونوضح تماما ان الامر ليس كما يتصور البعض من حيث السهولة واليسر، حيث ان صعوبة الاختيار ودقته في هذا الجانب الهام وغيره من الجوانب القيادية امر معروف، ويدرك ذلك تماما اصحاب الشأن ومن يبحثون عن القيادات وخاصة التربوية، حيث الناس - وكما هو معلوم في كل وقت وحين كالمئة من الابل لا تجد فيها راحلة ان دقة الاختيار والتوفيق في هذا الاختيار، والحصول على الرجل المناسب في المكان المناسب كما يقولون وكما قال الحق سبحانه وتعالى: ولاينبئك مثل خبير اقول ليس الامر احد شواغل المختصين في حقلي التربية والتعليم فقط، وانما ذلك يمثل اهتماما وهما عاما من قبل افراد الامة، لا يستطيع المتخصص والتربوي المهتم تجاهل ذلك، ولا تجاهل آراء الناس واهتماماتهم واتجاهاتهم المختلفة، نحو الصورة الجميلة التي يحلمون بها لأولادهم والذين هم بعد الله عصب الحياة في المستقبل المشرق بإذن الله واذا كانت احلام الناس وآمالهم وتوجهاتهم وأحاديثهم وافكارهم واحاسيسهم، وما يعمرونه به مجالسهم الخاصة والعامة تتلخص غالبا في النقاط التالية:
ما التربية الجيدة، ما هي اصولها ومناهجها وبرامجها المفيدة، ما خططها ووسائلها السديدة، من المعلم الكفء، المقتدر على ايصال العلم والمعرفة النافعة لنفسه وطلابه وأمته، من هو الاحق بالتعليم والتربية للشباب والطلاب، ما الذي يجب ان تفعله التربية الجيدة تجاه التلاميذ، في هذا العالم الملتهب المضطرب، الصاخب المتصارع، والذي لم يكن في يوم من الايام كحاله اليوم احتياجا وافتقارا الى التربية الاسلامية الكريمة ذات النبع الاصيل والمد السلسبيل، ذات الاهداف والمقاصد العالية المستمدة من الاصول الكريمة من الكتاب والسنة ونهج ومنهج سلف هذه الامة، ومن اين يا ترى تستمد اصول التربية الحقيقية والحصينة التي ننشدها، ومن المطالب يا ترى أولا وقبل كل شيء بتحقيقها وتوثيقها، علما ان هذه هي هموم رجل التربية والتعليم على الدوام، وخاصة القادة منهم ومن هم في محل الصدارة، او من لديهم الصلاحية والقدرة على اتخاذ القرار، وهي هموم العارف بمهنته المدرك لمسؤوليته المضطلع بأمانته، المؤمن تماما بسمو رسالته، وهذا هو الذي جعل التربويين، يوصون دوما ويؤكدون بأن يتولى القيادة التربوية اذا ما اريد لها النجاح والفلاح شخصيات تتميز بالكفاءة واصالة الفكر التربوي، حيث ان القيادة الحصيفة والعفيفة الغنية بالخبرات والقدرات والمعارف النبيلة تؤمّن لنفسها ولغيرها من زملاء المهنة مجالا اوسع وارحب يتفاعل فيه الفكر الاصيل مع عناصرها، وان القيادة التربوية الفقيرة من القدرات والمعارف التربوية، تضيق كثيرا في هذا المجال، وهذه القيادة الفقيرة كما اسلفت موجودة مع الأسف الشديد وبوفرة وكثرة في دنيا الناس والكل يود وصل ليلى، وليلى لا تقر لهم بذلك، بحال من الاحوال فهل يا ترى يصحح اصحاب هذا الاتجاه الضحل المضمحل امام الحقائق والوثائق التربوية الجيدة اقول واكرر هل يصححون او يصحون من اخطائهم التربوية او يصحون من نومهم ذاك يقرؤون ويتابعون فيصلحوا من مفاهيمهم الخاطئة احيانا وهل يسلحون انفسهم فيما يستقبل من الزمان، فيما يستقبل من اعمارهم القيادية، يسلحونها بكل جديد ومفيد في حقلي التربية والتعليم، او يعطوا الفرصة لغيرهم، ممن هم اجدر واقدر واعلم واحكم واكثر عطاء واوفر انتاجا نرجو ذلك.
اذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه الى ما تستطيع
وهذا الكلام انما يراد به كل مقصر في دنيا الناس في بلاد الله الواسعة وهو بحث تربوي لايراد به انسان ولا جهة بعينها، اما المدرك والواعي والواعد والمتابع فهو بعيد بحمد الله عن مثل هذا الكلام وهم كثير بفضل الله خاصة في بلادنا العزيزة، ان القيادة التربوية الثرية والغنية بالمعطيات والمؤهلات الدقيقة والمفيدة والتجارب الغزيرة لتميل دوما الى تشجيع القدرات والكفاءات وبعث وبث الهمم وتحسن دوما التفكير والممارسة التربوية الاصيلة.
ان على القيادة التربوية ان تعي دوما طبيعة الوظائف الاساسية للقيادة التي تمارسها والتي تسعى تلك القيادة التربوية لتأصيلها وتجذيرها، وان تدرك دوما حدود تلك القيادة وحدود تلك الوظائف، ولا تلقي على كاهلها اكثر مما تطيق حمله واحتماله، والقائد التربوي معد ومهيأ دوما لمواقف تربوية معينة كثيرة ومثيرة احيانا ووظيفة الجهة المشرفة على التعليم دائما ان تقوم بين وقت وآخر بمراجعة دقيقة لخططها وبرامجها، فما كان منها جيد وصالح ومفيد فيبقى ويلاحظ دوما ويراجع ويطور قدر الطاقة وما كان بخلاف ذلك فلا يجوز ابدا ان تتردد في تغييره وتبديله او تعديله، بما يوافق مصالحنا وظروفنا وتوجهنا التربوي ومعتقداتنا الكريمة، ومن واجب القيادة التربوية ان يكون لديها الفكر الحصيف النظيف الناقد غير المتبلد ولا الجامد الهامد الذي يميز فيه بوضوح تام بين الغث والسمين، بين ما يصلح لنا وما لا يصلح بين ما يتفق مع عقيدتنا وثقافتنا ومصالح بلادنا وما يتعارض.
كما يجب تعويد التربوي عامة والقيادي خاصة على البعد عن المبالغة والتسطيح والخيال الاجوف، فلسنا في مجال التربية والتعليم كحال الادب والشعر والمواد الاكثر خيالا وتعبيرا وحتى اصحاب مثل هذه المواد المنضبطين منهم ليس لديهم اكثر من الحقيقة والصدق والموضوعية ويعاب على التربوي الكفء المبالغة في الخيال والمبالغة ايضا في الاحكام كما نقرأ ونشاهد احيانا احكاما تنسب الى التربية مغرقة في الخيال والمحال، كما انني اقول ليست الواقعية كما يتصور البعض خاطئا هي الرضا بالواقع كما كان ولكنها تطلع مدرك وواع للمستقل، وتقدير حصيف للقدرات والامكانات المتاحة، وتخطيط علمي مدروس لبلوغ الاهداف، ان مستوى الطموحات والآراء الفردية واحيانا الجماعية حين تتجاوز امكانات الفرد او الامة او الجهة المشرفة على التربية والتعليم او لا تناسب الامة كما نشاهد ونقرأ احيانا اقول ان مثل هذه الامور تقود غالبا الى الفشل والاحباط، وهذا ظاهر وبين فهل من مدّكر؟