aitmassoud
بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله وحده والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.زائرنا الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ان كنت زائرا ندعوك للتسجيل فالتسجيل مجاني ولايأخد من وقتك الا القليل.ويتيح لك التسجيل في المنتدى اضافة مواضيع والرد عليها ومشاهدة المواضيع بشكل طبيعي وان كنت عضوا فالمرجو تسجيل الدخول.
aitmassoud
بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله وحده والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.زائرنا الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ان كنت زائرا ندعوك للتسجيل فالتسجيل مجاني ولايأخد من وقتك الا القليل.ويتيح لك التسجيل في المنتدى اضافة مواضيع والرد عليها ومشاهدة المواضيع بشكل طبيعي وان كنت عضوا فالمرجو تسجيل الدخول.
aitmassoud
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الشباب واحبناالصغار
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الفلسفة 2bac parti 2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
daoud oubaha
Admin
daoud oubaha


المساهمات : 23
تاريخ التسجيل : 14/10/2009
العمر : 41

الفلسفة 2bac parti 2 Empty
مُساهمةموضوع: الفلسفة 2bac parti 2   الفلسفة 2bac parti 2 Emptyالثلاثاء مايو 18, 2010 12:24 pm

[/justify]تمهيد لفهم إشكالات الدرس :
عن العنف: ننطلق في هذا الملخص من تعريف العنف كما وردفي"المعجم الفلسفي" لــ "جميل صليبا": "كل فعل يخالف طبيعة الشيء، ويكون مفروضاً عليه، من خارج فهو، بمعنى ما، فعل عنيف. والعنيف هو أيضاً القوي الذي تشتد صورته بازدياد الموانع التي تعترض سبيله كالريح العاصفة، والثورة الجارفة "



المحور الأول: أشكال العنف
طرح الإشكال :
هل تقتصر أشكال العنف على العنف المادي الفيزيائي العضلي كما يظهر للوهلة الأولى أم تشمل أيضا أشكالا من العنف الخفي الرمزي و اللطيف؟ ولكن كيف للعنف أن يكون خفيا لطيفا دون أن يفقد صفته كعنف والحال أن سمة العنف هو القوة التي تكسر كل مقاومة !؟ هل العنف محتاج للتخفي والتنكر ؟

1- العنف المادي: عنف على منوال الطبيعة ولكنه يتجاوزها
لا تعرف الطبيعة غير العنف المادي، وحيث أن الإنسان كائن طبيعي بدوره، ذو جسم وعضلات، فإن أحد أشكال العنف التي يمكن تصورها هي اصطدام هذه الأجسام والعضلات بهدف كبح حركة بعضها البعض أو إلحاق الأذى بها. يقول فرويد : " كانت القوة العضلية الأكثر تفوقا هي التي تقرر من يملك الأشياء ومن تسود إرادته، وسرعان ما أضيف إلى القوة العضلية واستعيض عنها باستخدام الأدوات: فالفائز هو من يملك الأسلحة الأفضل أو يستخدمها بالطريقة الأمهر. ومن اللحظة التي أدخلت فيها الأسلحة بدأ التفوق العقلي يحل محل القوة العضلية". لقد أصبحت الأدوات وهي استمرار لأعضاء الجسم أدوات العنف المادي الفعال بلا منازع، وقد ساهمت التكنولوجيا كما يقول إيف ميشو YVES MICHAUD في تطوير وسائل هذا العنف المادي مستفيدا من تحول هذه الوسائل إلى سلع تخضع ككل سلعة إلى مبدأ الربح في إنتاجها وتبادلها، وهكذا عملت التجارة الدولية للأسلحة على نشر وسائل العنف وجعله أكثر تخريبا وفتكا، وفي متناول كل الأفراد والجماعات. كما ساهم التقدم التقني في تطوير الآلات والأسلحة المستخدمة في العنف، مما جعل هذا الأخير مختلفا عما كان عليه في السابق، سواء من الناحية الكمية أو من الناحية الكيفية والنوعية .
بيد أن العنف المادي ومهما بلغ جبروت وسائله يظل عنفا مكلفا للطرفين لأنه يستدعي مقاومة متناسبة مع القوة الأولية وفق مبدأ الفعل ورد الفعل في الفيزياء. مما يضطر العنف إلى التخفي لتكون نتائجه أبلغ تأثيرا وأقل تكلفة خصوصا إذا ضمن تواطؤ الضحايا: إنه عنف يخفي عنفه ! مما يفسر تخلي الدول الاستعمارية مثلا عن الغزو العسكري لصالح غزو ثقافي أكثر تأثيرا وأقل انكشافا .

2-العنف الرمزي: عنف يتخفى ليضمن تواطؤ الضحايا
يتحدث بيير بورديو عن العنف الرمزي الذي هو عنف غير فيزيائي، يتم أساسا عبر وسائل التربية وتلقين المعرفة و الإيديولوجيا، وهو شكل لطيف وغير محسوس من العنف، و غير مرئي حتى بالنسبة لضحاياهم أنفسهم. وينتقد بورديو الفكر الماركسي الذي لم يول اهتماما كبيرا للأشكال المختلفة للعنف الرمزي، مهتما أكثرا بأشكال العنف المادي والاقتصادي. كما أشار بورديو إلى أن العنف الرمزي يمارس تأثيره حتى في المجال الاقتصادي نفسه، فالسلع المعلن عنها عبر الإشهار في وسائل الإعلام أو المعروضة في واجهات المتاجر بقدر ما تؤجج الرغبة، بقدر ما تمارس عنفا اقتصاديا وإنهاكا مستمرا للقدرة الشرائية العاجزة أصلا .
إن العنف الرمزي يمارس على الفاعلين الاجتماعيين بموافقتهم وتواطئهم. ولذلك فهم غالبا ما لا يعترفون به كعنف؛ بحيث أنهم يستدمجونه كبديهيات أو مسلمات من خلال وسائل التربية والتنشئة الاجتماعية وأشكال التواصل داخل المجتمع. وعلى سبيل المثال، فالعنف يتسلل حتى إلى قلب العلاقات العاطفية بين الجنسين، إذ يرى عالم الاجتماع الأنجلييزي غيدنز أن المرأة كانت في الماضي بمنزلة أحد المنقولات في حيازة الرجل ومن ثم عوملت بالعنف الذي تقتضيه هذه الحيازة، غير أن الاحترام والحب يمكن أن يكون أيضا صورة من صور الهيمنة الأقوى أكثر من استخدام القوة المجردة. فلقد عوملت المرأة الفاضلة بروح المودة والتصديق والتقدير لتستمر في إلزام نفسها بالفضيلة والعفة في المجتمع الأبوي !
ومن هذه الزاوية يمكن، حسب بورديو فهم الأساس الحقيقي الذي تستند إليه السلطة السياسية في بسط سيطرتها وهيمنتها؛ فهي تستغل بذكاء التقنيات والآليات التي يمرر من خلالها العنف الرمزي، والتي تسهل عليها تحقيق أهدافها بأقل تكلفة وبفعالية أكثر، خصوصا وأن هناك توافقا بين البنيات الموضوعية السائدة على أرض الواقع وبين البنيات الذهنية الحاصلة على مستوى الفكر .
وفي سعيه الدؤوب إلى إخفاء نفسه كعنف، قد يتخد أيضا شكل عنف طقوسي أو مقدس، عندما يصبح جزءا من طقوس أو شعائر دينية: صحيح أن القرابين تقتصر اليوم على الأضاحي الحيوانية لكنها كانت في ما مضى قرابين بشرية. فياله من عنف يواري باتخاده شكل التقوى والقربات للآلهة !



المحور الثاني: العنف في التاريخ
طرح الإشكال :
كان قتل قابيل لهابيل أول حدث يقصه علينا القرآن الكريم و يكسر حالة اللاحدث التي أعقبت نزول سيدنا آدم إلى الأرض، ليكون بذلك أول حدث عرفه تاريخ الإنسانية. ما دلالة أن يستفتتح التاريخ الإنساني بحادثة قتل وعنف؟ هل كان العنف مجرد فاتحة للتاريخ كما توحي بذلك هذه الواقعة؟ أم أنه استمر ملازما للصيرورة التاريخية؟ وكيف للعنف أن يضطلع بدور في التاريخ رغم أنه خراب وهدم وإفناء ؟
هل العنف مجرد ظاهرة عابرة و نتيجة لأسباب محددة كما تذهب إلى ذلك الماركسية حين أرجعت أصل العنف إلى التفاوت الطبقي ؟ أم أنه على العكس من ذلك عنف مؤسس و محايث للتاريخ الإنساني؟

1-العنف المؤسس و المدشن للتاريخ: طوماس هوبز، فرويد
ماذا نقصد بكون العنف مؤسسا و مدشنا للتاريخ؟ نقصد بذلك أن ما هو إنساني، ما يميز الإنسان عن الحيوان من قبيل المؤسسات والأخلاق والتقديس... لا يظهر إلا عقب العنف وبفضله .
أسوة بباقي منظري العقد الاجتماعي، يتصور هوبز أن الإنسانية مرت بحالة الطبيعة قبل ولوجها حالة الاجتماع. ولما كان العدوان والحذر والتنافس غالبا على طبيعة الإنسان لدرجة تجعل منه ذئبا لأخيه الإنسان، فإن حالة الطبيعة المذكورة، وفي غياب سلطة عليا، تتحول إلى حالة حرب الكل ضد الكل، أي حالة من العنف المعمم الذي يحيل حياة الإنسان إلى حياة حيوانية بئيسة لا ينعم فيه أحد بالأمن والأمان مهما بلغت قوته، وحتى في الحالة التي يهدأ في الاقتتال ظاهريا فإنه يظل مخيما على شكل إرادة صراع واضحة ومؤكدة، مثل سحابة كثيفة مخيمة تنذر بالعاصفة والمطر .
في مثل هذه الأحوال ولد الاجتماع و الدولة كخيار قسري للخروج من حالة العنف المعمم، فيكون العنف بذلك مؤسسا للتاريخ إذا افترضنا أن هذا الأخير لا يبدأ إلا مع الاجتماع و المؤسسات والدولة .
إن العنف لا يدشن التاريخ السياسي فحسب كما رأينا مع هوبز، بل التاريخ الأخلاقي والديني أيضا: يخبرنا فرويد في كتابيه: "الطوطم والطابو" و " موسى والتوحيد" بأن قتل الأب هي الواقعة التي تؤرخ لبداية المؤسسات وحظر المحارم وقواعد التحريم بصفة عامة: لقد كان هذا الأب ذكرا قويا، أبا للعشيرة مستحوذا على نسائها، مقصيا باقي الذكور من أبنائه، الذين لم يجدوا أمامهم من حل سوى الاتحاد لقتله و "أكله". ولكن مشاعر الذنب التي أعقبت قتله ومشاعر الخوف من عودته وانتقامه، دفعتهم إلى تحويله إلى طوطم أي تمثال أو رمز للعبادة، كما حرموا على أنفسهم القتل و التشبه بالأب في الاستحواذ الجنسي على الأم وبناتها أي حظر المحارم... وهي على الجملة عماد الحياة الأخلاقية والدينية .
هكذا يبتبدى العنف كحدث مؤسس للتاريخ، كظاهرة قبل-تاريخية، تسبق التاريخ وتفتتحه، ولكن ألا يمكن للسيرورة التاريخية نفسها أن تفرز العنف أثناء نموها ؟

2- العنف كظاهرة عابرة في التاريخ : الماركسية
خلافا لهوبز و فرويد ، فالعنف لم يظهر حسب ماركس إلا كنتيجة للانقسام الطبقي الذي أعقب المشاعة البدائية، وبعبارة أخرى فالصراع الطبقي هو المولد لظاهرة العنف في التاريخ. يقول ماركس: " لم يكن تاريخ أي مجتمع لحد الآن سوى تاريخ الصراع بين الطبقات، لقد كان المضطهدون والمضطهدون في حالة تعارض ومواجهة وأقاموا بينهم حروبا لا تتوقف تنتهي بتغيير المجتمع برمته أو هلاك الطبقتين المتصارعتين معا "
وفي مسرح الصراع هذا، تغير المتصارعان المتواجهان و لكن الصراع ظل قائما: نجد في المجتمع الروماني القديم طبقتين متمايزتين: هما السادة والفرسان من جهة والأقنان والعبيد من جهة أخرى. كما نجد في القرون الوسطى السادة والشرفاء من جهة، والأقنان والحرفيون العاديون من جهة أخرى؛ وإذا انتقلنا إلى العصر الحديث، نجد البورجوازية (الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج) في مقابل البروليتاريا . ولن يتسنى إلغاء هذا الصراع العنيف إلا بإلغاء أسبابه ودواعيه وهي الطبقية والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، عندها سيحل استغلال الإنسان للطبيعة محل استغلال الإنسان لأخيه الإنسان. ولكن ألن تصبح هذه الأخيرة موضوعا و ضحية للعنف بدورها !؟
بين ماركس إذن أن العنف مجرد ظاهرة تاريخية ناتجة عن الصراع الطبقي الذي هو المحرك الأول لعجلة التاريخ، والمسؤول عن الصيرورة التاريخية والعامل الحاسم في الانتقال من نمط إنتاجي لآخر لدرجة أن انجلز يشبه الصراع بالمرأة القابلة التي تستطيع توليد مجتمع ولو كان هرما La violence est l' accoucheuse de toute vielle societé! وهذا ما دفع بالماركسيين إلى شرعنة ما يسمى بــ "العنف الثوري" أي تلك الأشكال من العنف التي تستهدف تقويض النظام وبث الفوضى في أوصاله وتخريب بنيته التحتية و منشئاته للتعجيل بزواله عندما تعجز الآليات الديمقراطية عن تحقيق الانتقال المنشود .



المحور الثالث: العنف والمشروعية
ترتد إشكالية العنف والمشروعية في نهاية التحليل إلى إشكالية الدولة بين الحق والعنف التي سبق أن عالجناها في المحور الثالث من درس الدولة، وذلك لأن مشروعية العنف أو عدم مشروعيته تتحدد دائما بالقياس إلى قوانين أو مؤسسات قائمة أو مبادئ أخلاقية،
ثم أي عنف هذا الذي نبحث في مشروعيته؟ هل هو عنف الأفراد ضد بعضهم البعض؟ كلا . فهذا العنف يفقد مبرره ومشروعيته منذ اللحظة التي يظهر فيها المجتمع. وحيث أن الدولة هي الطرف الوحيد التي بات يحتكر اليوم إستعمال العنف، فإن العنف الذي نتحدث عن مشروعيته إما أن يكون عنفا صادرا عن الدولة وأجهزتها تجاه مواطنيها أو بين الدول ضد بعضها البعض، ولايمكن أن يكون عنفا صادرا من الفرد اللهم إلا إذا كان موجها ضد الدولة نفسها، ينازعها السيادة أو السلطان. وبناءا عليه يمكن الرجوع إلى محور الدولة بين الحق والعنف من أجل تبين هذه العلاقة الملتبسة القائمة بين العنف والمشروعية

ملحق: اللاعنف عند غاندي كرفض مطلق للعنف :
اكتفت المواقف التي أتينا على ذكرها بالبحث في أشكال العنف أو دوره في التاريخ، في حين أن غاندي يرفضه جملة وتفصيلا وبشكل مطلق وراديكالي مهما كان شكله أو غايته !
يعرف غاندي اللاعنف كموقف كوني تجاه الحياة، إنه "الغياب التام لنية الإساءة تجاه كل ما يحيا" بمعنى أن اللاعنف مثله مثل العنف لا يقع على مستوى الفعل فقط بل والنية أيضا . ولكن كيف نتعامل مع العنيفين والمستبدين و الظلمة؟ يجيب غاندي: عن طريقة المقاومة الأخلاقية والذهنية، أي رفض العنف والامتناع عن ممارسته بالفعل أو بالنية مهما كانت الغايات والأهداف. فمواجهتي لسيف المستبد كما يرى غاندي لا تكون باستلال سيف أكثر مضاءا وحدة يفله، بل بأن أخيب أمله في أن يراني أواجهه بمقاومة مادية، فهو سيراني بدلا من ذلك أواجهه بمقاومة روحية تفلت من تقديره وتحكمه .
يذكرنا موقف غاندي بموقف المسيح عليه السلام الذي ينصح الإنسان بأن يدير خده الأيمن لمن يلطمه على خده الأيسر !، ولكن ما هي فعالية مثل هذا الموقف في عالم يبتكر يوما بعد يوم أسئلة أكثر فتكا وأشد تنكيلا !؟



الحق والعدالة

يدل لفظ العدالة في تداوله العام على احترام حقوق الغير والدفاع عنها، كما يدل على الخضوع والامتثال للقوانين .
وتدل العدالة في معجم لالاند على صفة لما هو عادل، ويستعمل هذا اللفظ في سياق خاص عند الحديث عن الإنصاف Equité) ) أو الشرعية légalité) ). كما يدل لفظ العدالة تارة على الفضيلة الأخلاقية، وتارة على فعل أو قرار مطابق للتشريعات القضائية. كما يدل اللفظ فلسفيا على ملكة في النفس تمنع الإنسان عن الرذائل، ويقال بأنها التوسط بين الإفراط والتفريط .
هكذا يمكن الحديث عن مستويين في العدالة :
- مستوى يرتبط بالمؤسسات القانونية والقضائية التي تنظم العلاقات بين الناس في الواقع .
- ومستوى يرتبط بالعدالة كدلالة أخلاقية، وكمثال أخلاقي كوني يتطلع الجميع لاستلهامه .
أما فيما يخص مفهوم الحق، فيمكن القول بأن له دلالتين رئيسيتين :
- دلالة في المجال النظري والمنطقي؛ حيث يعني اليقين والصدق والاستدلال السليم .
- ودلالة في المجال العملي؛ باعتباره قيمة تؤسس للحياة الاجتماعية والممارسة العملية
للإنسان .
وهذه الدلالة الثانية هي التي تجعله يتقاطع مع مفهوم العدالة .
ويتخذ مفهوما الحق والعدالة أبعادا متعددة؛ طبيعية وأخلاقية وقانونية وسياسية، كما يرتبطا بمجموعة من المفاهيم الأخرى؛ كالطبيعة والثقافة والإنصاف والمساواة. وهو الأمر الذي سيؤدي إلى إثارة مجموعة من الإشكالات سنعالجها من خلال محاور الدرس .
المحور الأول: الحق بين الطبيعي والوضعي .
* إشكال المحور: هل يتأسس الحق على ما هو طبيعي أم على ما هو وضعي؟
1- فلاسفة الحق الطبيعي: حالة الطبيعة كمرجعية لتأسيس الحق .
حينما نتحدث عن الحق الطبيعي، فإننا نتحدث عن مجموع الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الإنسان بحكم طبيعته كإنسان. وقد كان رجوع فلاسفة الحق الطبيعي، كهوبز واسبينوزا وروسو، إلى حالة الطبيعة بهدف معرفة الطبيعة الإنسانية وتأسيس المجتمع انطلاقا منها، حتى تكون الحقوق والتشريعات عادلة ومناسبة لأصل الطبيعة الإنسانية، وغير متعارضة معها .
وصحيح أن هؤلاء الفلاسفة اختلفوا في تصورهم لحالة الطبيعة ولأصل الإنسان، إلا أنهم يشتركون في مبدإ أساسي هو جعل الطبيعة المفترضة للإنسان أساسا لكل حقوقه في الحالة المدنية أو الاجتماع. من هنا فللإنسان حسب هذا التصور الطبيعي للحق، حقوق لا يمكن المساس بها، وهي حقوق مطلقة وكونية .
وإذا أخذنا نموذج هوبز مثلا، فإننا نجده يعرف حق الطبيعة بأنه الحرية التي تخول لكل إنسان في أن يسلك وفقا لما تمليه عليه طبيعته الخاصة وما يراه نافعا له. أما حالة الطبيعة فهي عنده حالة حرب الكل ضد الكل، إنها حالة صراع وعنف وفوضى. كما تصور هوبز بأن الطبيعة الإنسانية شريرة، وأن الإنسان ذئب للإنسان. وانطلاقا من هذا التصور ارتأى هوبز ضرورة تأسيس الحق في حالة الاجتماع على القوة، قوة الأمير الذي سيفرض نفسه على الجميع ويتنازل له الأفراد عن حرياتهم الطبيعية. هكذا يتأسس الحق عند هوبز على القوة وعلى ما هو طبيعي؛ لأن أساس الحق عنده نابع من تصوره لطبيعة الإنسان .
أما إذا أخذنا نموذج روسو، فإننا نجده يختلف مع هوبز في تصوره لحالة الطبيعة ولطبيعة الإنسان؛ إذ يرى أنها حالة أمن وسلام، وأن الإنسان خير بطبعه. لكنه مع ذلك يلتقي معه في رجوعه إلى حالة الطبيعة من أجل البحث عن مرجعية ومرتكز لتأسيس الحق. هكذا فمبادئ التعاقد الاجتماعي عند روسو تجد ينابيعها الأولى في الحقوق الطبيعية للإنسان. من هنا فالحق يجد أساسه عند روسو فيما هو طبيعي، أي في مجموع المواصفات التي كانت تميز حياة الإنسان في الحالة الطبيعية الأولى .
وبخلاف هذا التصور الذي يؤسس الحق على تصور معين للطبيعة الإنسانية، يأتي التصور الوضعي الذي يؤسسه على مرتكزات ثقافية ووضعية .
2- الموقف الوضعي: تأسيس الحق على الأوضاع السائدة داخل كل مجتمع .
ترفض النزعة الوضعية القانونية تأسيس الحق على أية اعتبارات ميتافيزيقية وطبيعية، وتؤسسه‘ بخلاف ذلك‘ على اعتبارات واقعية وثقافية. هكذا يرى هانز كيلسن، أحد ممثلي هذه النزعة، أنه لا وجود لحق غير الحق الوضعي الفعلي الذي يتحدد انطلاقا من اعتبارات واقعية، ومن موازين القوى المتصارعة على أرض الواقع. وهذا ما يضفي على الحق طابع النسبية والتغير، ويجعل من غي الممكن الحديث عنه خارج إطار القوانين المتجسدة في المؤسسات القضائية والتنفيذية التي تفرضه في الواقع .
وفضلا عن هذا، يرى كيلسن أن هناك اختلاف في المرجعيات السيكولوجية والاجتماعية والثقافية بين الناس، مما ينعكس على تصورهم لأساس الحق، ويجعل هذا الأخير يختلف باختلاف المبادئ التي يرتكز عليها .
وإذا كان الحق لا يتجسد إلا من خلال القوانين التي من المفترض أنها وضعت بهدف تحقيق العدالة والإنصاف والمساواة بين الأفراد، فإن هذا يثير إشكال العلاقة بين الحق والعدالة .
المحور الثاني: العدالة كأساس للحق .
* إشكال المحور: كيف تتحدد علاقة الحق بالعدالة؟ وهل يمكن اعتبار العدالة أساسا للحق؟ وهل هناك وجود للحق خارج إطار القوانين التشريعية والقضائية الممثلة للعدالة؟
1- موقف اسبينوزا: قوانين العدالة كتجسيد للحق .
اعتبر اسبينوزا أن هناك مبدأ تقوم عليه الدولة الديمقراطية، وهو تحقيق الأمن والسلام للأفراد عن طريق وضع قوانين عقلية تمكن من تجاوز قوانين الشهوة التي هي المصدر الأساسي لكل كراهية وفوضى. من هنا يتحدث اسبينوزا عن القانون المدني الذي تحدده السلطة العليا، والذي يجب على الأفراد احترامه للمحافظة على حرياتهم ومصالحهم المشتركة. وهذا القانون هو الذي تتجسد من خلاله العدالة التي تتمثل في إعطاء كل ذي حق حقه. ولهذا يدعو اسبينوزا القضاة المكلفين بتطبيق القانون إلى معاملة الناس بالمساواة والإنصاف، من أجل ضمان حقوق الجميع، وعدم التمييز بينهم على أي أساس طبقي أو عرقي أو غيره .
هكذا يبدو أنه لا يمكن تصور عدالة خارج إطار مبادئ العقل المجسدة في القانون المدني الذي تتكفل الدولة بتطبيقه، كما لا يمكن تصور تمتع للناس بحقوقهم خارج قوانين العدالة. فالعدالة والحالة هاته، هي تجسيد للحق وتحقيق له؛ إذ لا يوجد حق خارج عدالة قوانين الدولة. أما خارج هذه القوانين التي يضعها العقل، فإننا نكون بإزاء العودة إلى عدالة الطبيعة التي استحال فيها تمتع الجميع بحقوقهم المشروعة في الحرية والأمن والاستقرار .
لكن ألا يمكن أن نعتبر أن الحق يسمو على قوانين العدالة وتشريعاتها القضائية، وأن هذه الأخيرة قد تكون جائرة وهاضمة للحقوق المشروعة للأفراد؟
معنى ذلك أنه يجب البحث عن أساس آخر للحق غير العدالة وقوانينها؟
2- موقف شيشرون: لا يتجسد الحق دائما من خلال قوانين الشعوب .
يرى شيشرون أن المؤسسات والقوانين لا يمكن أن تكون أساسا للحق، مادام أن هناك قوانينا يضعها الطغاة لخدمة مصالحهم الخاصة وتهضم حقوق بقية الناس. ولذلك يجب تأسيس الحق والعدالة تأسيسا عقليا؛ إذ أن الحق الوحيد هو الذي يؤسسه قانون واحد مبني على قواعد العقل السليم الذي يشرع ما يجب فعله وما يجب اجتنابه. ومن جهة أخرى يذهب شيشرون إلى القول بأنه "لن توجد عدالة ما لم توجد طبيعة صانعة للعدالة"، وهذه هي الطبيعة الخيرة التي تتمثل في ميلنا إلى حب الناس الذي هو أساس الحق. و " طالما لم يقم الحق على الطبيعة فإن جميع الفضائل ستتلاشى". هكذا يبدو أن شيشرون يؤسس الحق تأسيسا عقليا وأخلاقيا، ويعترض على تأسيسه انطلاقا من المنافع الخاصة وما هو حاصل على أرض الواقع .
لكن المشكل الذي تطرحه نظرية شيشرون هو طابعها المثالي؛ إذ أن الناس في الواقع لا تصدر عنهم دائما سلوكات خيرة إما بسبب نزوعاتهم العدوانية كما يرى البعض، أو بسبب الصراع حول المصالح كما يرى البعض الآخر .
وإذا كان الناس متفاوتين في الواقع بسبب الاختلافات الموجودة بينهم في المؤهلات والمزايا والمراتب الاجتماعية وغير ذلك، فهل يجب أن نطبق عليهم القوانين بالتساوي أم يجب مراعاة روح هذه القوانين لإنصاف كل واحد منهم؟
المحور الثالث: العدالة بين المساواة والإنصاف .
* إشكال المحور: هل ينبغي تطبيق العدالة بين الناس بالتساوي، بحيث يكون الجميع أمامها سواسية، أم يجب إنصاف كل واحد منهم بحسب تميزه عن الآخرين؟ وبتعبير آخر؛ إذا كانت العدالة تهدف إلى خلق المساواة في المجتمع، فهل بإمكانها إنصاف جميع أفراده؟
1- موقف ألان (إميل شارتيي): العدالة هي معاملة الناس بالمساواة .
لا يمكن الحديث‘ حسب ألان، عن الحق إلا في إطار المساواة بين الناس. فالقوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية. والحق لا يتجسد إلا داخل المساواة باعتبارها ذلك الفعل العادل الذي يعامل الناس بالتساوي بغض النظر عن التفاوتات القائمة بينهم. وهنا يتحدث ألان عن السعر العادل ويميزه عن سعر الفرصة؛ بحيث أن الأول هو المعلن داخل السوق والذي يخضع له الجميع بالتساوي، بينما الثاني هو سعر يغيب فيه التكافؤ بين الطرفين؛ كأن يكون أحدهما مخمورا والآخر واعيا، أو يكون أحدهما عالما بقيمة المنتوج والآخر جاهلا بذلك .
هكذا فالمساواة لن تتحقق حسب ألان إلا إذا عرض الباعة لكل الناس نفس السلع وبثمن موحد. ومعنى ذلك أن العدالة لن تتحقق إلا كانت القوانين الجاري بها العمل تعامل الناس بالمساواة التي هي أساس إحقاق الحق .
وفي هذا الإطار يقول ألان: " لقد ابتكر الحق ضد اللامساواة. والقوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية... أما أولائك الذين يقولون إن اللامساواة هي من طبيعة الأشياء، فهم يقولون قولا بئيسا ".
ومثل هذا القول "البئيس" هو الذي نعتقد أنه يقول به ماكس شيلر .
2- موقف ماكس شيلر: المطالبة بالمساواة المطلقة هي عدالة جائرة .
يذهب ماكس شيلر إلى القول بأن العدالة لا تتمثل في المطالبة بالمساواة المطلقة بين الناس؛ لأنها مساواة جائرة ما دامت لا تراعي الفروق بين الأفراد فيما يخص الطبائع والمؤهلات التي يتوفرون عليها. فالعدالة المنصفة هي التي تراعي اختلاف الناس وتمايز طبائعهم ومؤهلاتهم. ومن الظلم أن نطالب بالمساواة المطلقة بين جميع الناس؛ ذلك أن وراء هذه المطالبة بالمساواة كراهية وحقد على القيم السامية، ورغبة دفينة في خفض مستوى الأشخاص المتميزين إلى مستوى الأشخاص الذين هم في أسفل السلم .
هكذا ينتقد ماكس شيلر ما يسميه بالأخلاقية الحديثة التي تقول بأن جميع الناس متساوون أخلاقيا، وبالتالي تنفي التفاوتات الموجودة بينهم على مستوى ما يتوفرون عليه من مؤهلات. ويرى أن هذه المساواة المطلقة هي فكرة عقلانية نابعة من حقد وكراهية الضعفاء ومن هم في أسفل درجات السلم تجاه الأقوياء الذين يمتلكون مؤهلات وقدرات أكثر من غيرهم تجعلهم يتواجدون في أعلى السلم الاجتماعي. وبدلا من هذه الأخلاق العقلانية التي تنادي بالمساواة الصورية والنظرية، يقترح شيلر ما أسماه بالأخلاق الموضوعية التي تأخذ بعين الاعتبار الفوارق بين الناس على أرض الواقع. وهنا تكمن العدالة المنصفة التي تحافظ على القيم السامية التي يتمتع بها الأشخاص المتفوقون .

الدولة

ينظر إلى الدولة على أنها تنظيم سياسي يكفل حماية القانون وتأمين النظام لجماعة من الناس تعيش على أرض معينة بصفة دائمة، وتجمع بين أفرادها روابط تاريخية وجغرافية وثقافية مشتركة . ولذلك لا يمكن الحديث عن الدولة في مجال ترابي معين إلا إذا كانت السلطة فيها مؤسساتية وقانونية، وأيضا مستمرة ودائمة لا تحتمل الفراغ .
كما يقترن اسم الدولة بمجموع الأجهزة المكلفة بتدبير الشأن العام للمجتمع . هكذا تمارس الدولة سلطتها بالاستناد إلى مجموعة من القوانين والتشريعات السياسية التي تروم تحقيق الأمن والحرية والتعايش السلمي .

المحور الأول : مشروعية الدولة وغاياتها

إدا كانت الدولة هي جماعة بشرية تحتكر حق الإستعمال المشروع للعنف داخل مجال ترابي معين فما اساس هذه المشروعية ؟وما غاياتها ؟هل تستمد الدول مشروعيتها من الحق أم من القوة ؟وهل تهدف الدولة تحقيق الأمن والسلم أم تحقيق الحرية؟
موقف اسبينوزا : الحرية هي الغاية الأساسية من قيام الدولة .
لقد قطع فلاسفة التعاقد الاجتماعي مع التصور الديني للدولة، ولذلك فمشروعية الدولة عندهم تستمد من الالتزام بمبادئ التعاقد المبرم بين الأفراد ككائنات عاقلة وحرة . هذا التعاقد الحر بين الأفراد سيؤسس الدولة على قوانين العقل، التي من شأنها أن تتجاوز مساوئ حالة الطبيعة القائمة على قوانين الشهوة، والتي أدت إلى الصراع والفوضى والكراهية والخداع . ولذلك فغاية الدولة هي تحقيق المصلحة العامة المتمثلة حسب اسبينوزا في تحرير الأفراد من الخوف وضمان حقوقهم الطبيعية المشروعة، والمتمثلة أساسا في الحق في الحياة و الأمن والحرية . هكذا يرى اسبينوزا أن الغاية من تأسيس الدولة هي تحرير الأفراد من الخوف، وإتاحة الفرصة لعقولهم لكي تفكر بحرية وتؤدي وظائفها بالشكل المطلوب دون استخدام لدوافع الشهوة من حقد وغضب وخداع . ويختصر اسبينوزا الغاية من وجود الدولة بقوله : " الحرية هي الغاية الحقيقية من قيام الدولة ".

موقف هوبز:الدولة قائمة على التعاقد الإرادى الحر وغايتها الأمن والسلم

أن الدولة تنشأ ضمن تعاقد إرادي وميثاق حر بين سائر البشر ،حتى ينتقلوا من حالة الطبيعة –حرب الكل ضد الكل-إلى حالة المدنية.وبذلك ستكون غاية الدولة هي تحقيق الأمن والسلم في المجتمع .
موقف هيجل : الدولة غاية ذاتها، وهي تجسيد للعقل الموضوعي .
لقد انتقد هيجل التصور التعاقدي الذي يعتبر أن للدولة غاية خارجية مثل السلم أو الحرية أو الملكية، ورأى أن غاية الدولة لا تكمن في أية غاية خارجية، وإنما تتمثل في غاية باطنية؛ فالدولة غاية في ذاتها من حيث إنها تمثل روح وإرادة ووعي أمة من الأمم، وتعتبر تجسيدا للعقل الأخلاقي الموضوعي . إن الدولة هي التحقق الفعلي للروح الأخلاقي باعتباره إرادة جوهرية وكونية . ومن واجب الأفراد أن يكونوا أعضاء في الدولة وأن يتعلقوا بها لأن في ذلك سموهم وعلو مرتبتهم؛ فلا يكون للفرد وجود حقيقي وأخلاقي إلا بانتسابه إلى الدولة .
هكذا يعطي هيجل الأولوية في تحليله إلى الكل على الأجزاء، وإلى الدولة على الأفراد، ويجعل مصيرهم في أن يحيوا حياة عامة وكونية . فمشروعية الدولة إذن لا تستمد عند هيجل من التحالفات القائمة بين الأفراد، بل تستمد من مبادئ عقلية وموضوعية تتأسس عليها الدولة بشكل حتمي يتجاوز الإرادات الفردية ذاتها .
موقف ماكس فيبر : هناك ثلاث مشروعيات تستند عليهم الدولة .
وقد بين فيما بعد ماكس فيبر بأن هناك أنواع متعددة من المشروعية عبر التاريخ؛ مشروعية الحكم اعتمادا على التراث وحماية الماضي واستلهام الأجداد، والمشروعية المرتبطة بشخص ملهم يمثل سلطة دينية وأخلاقية أو إيديولوجية ويحكم باسمها . والمشروعية المؤسسية المستمدة من التمثيلية الانتخابية ومرجعية القانون والمؤسسات وتوزيع السلط . ويشير ماكس فيبر إلى أنه نادرا ما نجد هذه النماذج من المشروعية مجسدة بشكل خالص على أرض الواقع، بل غالبا ما نجد تداخلات فيما بينها على مستوى ممارسة الدولة لسلطتها على الأفراد .
ï تأسيسا على ماسبق يمكن أن نقول أن نقول بأن الدولة سواء اعتبرنا أساس مشروعيتها التعاقد الإرادي الحر أو الهيمنة المشروعة سواء اعتبرنا وظيفتها تحقيق الأمن والسلم أو الحرية فإن مختلف هذه المنظورات التي استعرضناها تظل محاولات أصيلة لتكوين صورة أو نمادج عن أساس مشروعية الدولة وغاياتها وفي كل الحالات فإنها تغني فهمنا لجوانب مهمة من هذه الإشكالية.
المحور الثاني : طبيعة السلطة السياسية
حينما يتم التساؤل عن طبيعة السلطة السياسية ‘ فإن الأمر يتطلب بالضرورة الحديث عن علاقة الدولة بالمواطنين، أو علاقة الحاكم بالمحكومين . فإذن ما هي طبيعة العلاقة التي ينبغي أن تكون بين رجل السياسة من جهة، ومن يمارس عليهم سلطته السياسية من جهة أخرى؟ وبتعبير آخر؛ ما هي الخصائص التي يجب أن تميز الممارسة السياسية للأمير أو السلطان مع شعبه أو رعيته؟
هنا يمكن تقديم موقفين متعارضين؛ موقف ماكيافيلي وموقف ابن خلدون .
موقف "مونتسكيو" توجد ثلاتة أنواع من السلطة يجب الفصل بينها

ضمن تصورات فلاسفة الانوار حول الدولة و السلطة السياسية.فاذا كانت الدولة هي الاطار القانوني للمجتمع المدني السياسي فعليها ان تحافض على توازن المجتمع من خلال الفصل بين السلط التي يختزنها" مونتسكيو" في ثلات انواع من السلط هي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية المتعلقة بحقوق الناس والسلطة التنفيذية المتعلقة بالحق المدني .فاذا كانت السلطة التشريعية تسهر على سن القوانين او التشريعات فان السلطة التنفيذية من وضيفتها السهر على احترام الحقوق والحريات وذلك وفق مبدأ سياسي يثمثل في الفصل بين السلط حتى لايتحول الحاكم الى مشروع وقاضي الى منفذ.فمتى اجتمعت هذه السلط في يد واحدة او هيئة واحدة كان مآلها الضياع وانقلبت الى استبداد .

موقف ماكيافيلي : السياسة صراع وقوة وخداع .
بين ماكيافيلي أن هناك أمراء في عصره أصبحوا عظماء دون أن يلتزموا بالمبادئ الأخلاقية السامية، كالمحافظة على العهود مثلا، بل قد استخدموا كل وسائل القوة والخداع للسيطرة على الناس والتغلب على خصومهم .
هكذا دعا ماكيافيلي إلى ضرورة استخدام الأمير لطريقتين من أجل تثبيت سلطته السياسية؛ الأولى تعتمد القوانين، بحيث يستعملها بحكمة ومكر ودهاء، وبشكل يمكن من تحقيق مصلحة الدولة، أما الثانية فتعتمد على القوة والبطش، ولكن في الوقت المناسب . من هنا يجب على الأمير أن يكون أسدا قويا لكي يرهب الذئاب، وأن يكون ثعلبا ماكرا لكي لا يقع في الفخاخ .
إن الغاية عند ماكيافيلي تبرر الوسيلة . وما دام أن الناس ليسوا أخيارا في الواقع، فلا يلزم أن ينضبط الأمير للمبادىء الأخلاقية في تعامله معهم، بل لا بد أن تكون له القدرة الكافية على التمويه والخداع، وسيجد من الناس من ينخدع بسهولة .
هكذا يتبين أن السياسة، مع ماكيافيلي، تنبني على القوة والمكر والخداع . وهذا ما سيرفضه مجموعة من المفكرين، ومن بينهم ابن خلدون .
موقف ابن خلدون : السياسة رفق واعتدال .
إن علاقة السلطان بالرعية حسب ابن خلدون هي علاقة ملك بمملوكين . ولذلك يجب أن يتأسس هذا الملك على الجودة والصلاح . من هنا يجب أن يحقق السلطان لرعيته كل ما هو صالح لهم، وأن يتجنب كل ما من شأنه أن يلحق بهم السوء والضرر .
ولذلك وجب أن تكون العلاقة بين السلطان والرعية مبنية على الرفق والاعتدال في التعامل . فقهر السلطان للناس وبطشه بهم يؤدي إلى إفساد أخلاقهم، بحيث يعاملونه بالكذب والمكر والخذلان، أما إذا كان رفيقا بهم ، فإنهم يطمئنون إليه ويكنون له كل المحبة والاحترام، ويكونون عونا له أوقات الحروب والمحن .
انطلاقا من هذا حدد ابن خلدون خصلتين رئيسيتين يجب أن يتصف بهما رجل السياسة، وهما الرفق والاعتدال . ولذلك عليه مثلا أن يتصف بالكرم والشجاعة كصفتين يتوفر فيهما الاعتدال المطلوب بين التبذير والبخل من جهة، وبين التهور والجبن من جهة أخرى .
ï هكذا إذا كان ماكيافيلي يحدد طبيعة السلطة السياسية في القوة والمكر والصراع، واستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق مصلحة الدولة، فإن ابن خلدون يحدد طبيعتها في التشبث بمكارم الأخلاق المتمثلة أساسا في الرفق والاعتدال .
وهذا ما سيقود إلى إثارة إشكالية الدولة بين الحق والعنف .
المحورالثالث : الدولة بين الحق والعنف .
حينما نتحدث عن الدولة بين الحق والعنف، فإننا نثير بالضرورة إشكالية العلاقة بين الدولة كأجهزة ومؤسسات منظمة للمجتمع، وبين الأفراد الخاضعين لقوانينها . فإذا انبنت هذه العلاقة على احترام المبادئ الأخلاقية المتعارف عليها والقوانين المتعاقد عليها، فإن ممارسة الدولة تكون في هذه الحالة ممارسة مشروعة تجعلنا نتحدث عن دولة الحق، أما إذا كانت هذه العلاقة مبنية على أسس غير أخلاقية وغير قانونية، فإنها ستكون مؤسسة على القوة والعنف وهاضمة للحقوق والحريات الفردية والجماعية .
فما المقصود بمفهومي الحق والعنف؟
يحدد المعجم الفلسفي لأندري لالاند الحق باعتباره " ما لا يحيد عن قاعدة أخلاقية، وما هو مشروع وقانوني في مقابل ما هو واقعي وفعلي ". كما يحدده كانط باعتباره يحيل إلى " مجموع الشروط التي تسمح لحرية كل فرد بأن تنسجم مع حرية الآخرين ".
أما العنف فيمكن القول بأنه " اللجوء إلى القوة من أجل إخضاع أحد من الناس ضد إرادته، وهو ممارسة القوة ضد القانون أو الحق هكذا يتبين أن الحق هو نقيض العنف؛ إذ أن الأول يمارس بإرادة الأفراد ويضمن لهم حرياتهم المشروعة، في حين أن الثاني يمارس ضد إرادتهم ويغتصبهم حرياتهم .
فإذا كان الأمر كذلك، فهل يمكن البحث عن مشروعية لممارسة الدولة العنف ضد الأفراد أوالجماعات؟ وهل العنف ضروري للدولة لكي تمارس سلطتها؟ ألا يتعارض العنف في هذه الحالة مع الحق والقانون؟
لمعالجة هذا الإشكال يمكن تقديم موقفين يبدوان متعارضين؛ أحدهما لماكس فيبر والثاني لجاكلين روس .
موقف ماكس فيبر : الدولة وحدها لها الحق في ممارسة العنف المادي .
إن الدولة تتأسس في نظر ماكس فيبر على العنف . ولذلك يرى أنه إذا وجدت تجمعات بشرية لا تعرف العنف، فمعنى ذلك أنه لا يمكن الحديث عن وجود الدولة، كجهاز يحكم هذه التجمعات السياسية . فما سيبقى في حالة اختفاء العنف هو الفوضى بين مختلف مكونات البناء الاجتماعي، نظرا لاختفاء القوة العنيفة القادرة على إزالة هذه الفوضى .
إن العنف إذن هو الوسيلة المميزة للدولة، والعلاقة بينهما هي علاقة وطيدة وحميمية . وللدولة وحدها الحق في ممارسة العنف المادي، إذ لا يحق لأي فرد أو جماعة ممارسة هذا العنف إلا بتفويض من الدولة .
لكن ألا تتعارض ممارسة العنف مع المواصفات التي يجب أن تتوفر في دولة الحق؟
موقف جاكلين روس : تتمسك دولة الحق بكرامة الفرد ضد كل أنواع العنف والتخويف .
اعتبرت جاكلين روس أن دولة الحق هي ممارسة معقلنة لسلطة الدولة، يخضع فيها الحق والقانون إلى مبدإ احترام الشخص البشري وضمان كرامته الإنسانية . هكذا فالفرد في دولة الحق هو قيمة عليا ومعيار أسمى لصياغة القوانين والتشريعات التي تمنع كل أنواع الاستعباد والاضطهاد التي قد يتعرض لها .
وما يمكن ملاحظته هنا هو أن الغاية هنا هي الفرد وليس الدولة؛ فهذه الأخيرة هي مجرد وسيلة لخدمة الفرد، إذ تعتبره الغاية الأساسية من كل تشريع . ولن يتم ذلك إلا من خلال مبدأ فصل السلط الذي يمكن من إحقاق الحق وإخضاعه للممارسة المعقلنة القائمة على الاحترام وتطبيق القانون، ونبذ كل أشكال الإرهاب والعنف .

ó الواقع أن المتأمل في كل هذه الأراء الفلسفية يخرج بخلاصة مفادها أن لكل منها قيمة وحدود فكل منها يفرض نفسه علينا بما هو موقف يستند إلى حجج وأدلة لاكن في الوقت نفسه يبقى كل منها سجين منطقه نسقه الفلسفي أو مقاربته العلمية ولذالك يمكن القول بأن هذه المواقف تتكامل في منحنا نظرة أقرب إلى الحقيقة عن مصدر سلطة الدولة

للمزيد من الإستفادة :boayad-- # وصلة ممنوعة 1028 # --
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aitmassoud.yoo7.com
 
الفلسفة 2bac parti 2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» إليكم نموذج للإمتحان الوطنى مادة الفلسفة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
aitmassoud :: منتدى علوم وثقافة-
انتقل الى: